المشاركات

عرض المشاركات من 2017

" العطش وآه يالعطش"

ونصبر ونحتسي تلك الرمضاء الموحشة وكأننا خلقنا وكان قدرنا أن نقيم فوق جمر الانتطار! يقول كاتب ما: الطربق أحلى من الوصول! ولكني مللت الطريق والوصول وهذا الصيام عن الحب! لو قدر لنا أن نخرج عن هذا المسار الموحش، لو قدر لنا أن نختار أقدارنا، ولو كتب لنا أن ننال قبل الانتظار، ولو على سبيل المثال كان الصبر أقصر محطة للوصول إلى دفء  تلك الأحضان الذهبية التي تنادي: حي على الوصال! ولو كان الصبر هو سوء فهم وخلاف على موعد قدر مسبقًا! ولو كان الصبر لا يبشر بصبار بل بتوت الشفاه وبسكر نبات الحب!

" أريد ما قبل المحطة "

نشتاق إلى الكتابة وإلى التحليق بأجنحة الخيال، ونشتاق إلى أنفسنا مجردة من وحل الأيام ونشتاق إلى الجلوس دون أي فكرة تقرع بناقوسها جدران القلق، ونشتاق إلى طاولة لا شيء فيها إلا عشرة أصابع تقترب وتعانق بعضها وتلامس حمرة الأظافر، ولا تفترق إلا لتودع القهوة في أقاصي الروح، ونشتاق إلى الحديث حينما يمتد دون خشية من زلل اللسان،  ونشتاق أن ننظر إلى بعضنا لا لإثبات شيء بل لأن النظرة تبعث تلك التنهيدة الطويلة التي ( تهدهد ) الروح وتجعل الزمن يتوقف في محطة (الآن) ولا يعبر إلى أخرى.  نشتاق لأشياء كثيرة.. ولي صديق يقول أنه يشتاق البكاء لا لضعف بل لأنه يجعل الجرح يلتئم، ولكني أشتاق إلى الفرح، إلى الخروج في نزهة مع قصيدة ينقلها صوتكِ السعيد، وأشتاق إلى الغناء بصوت لا يخاف من عثراته عندما يشتد صهيل المووايل، وأشتاق إلى أشياء كثيرة وأود لو أنني لا أنسى الشوق لكي لا أنسى الكتابة!

قوس قزح.

بالكتابة أقفز من يومي إلى الغد، بالكتابة أتحايل على دمي وأوهمني بأنه يحتفل في العروق.. بالكتابة أكون البطل الذي بوسعه أن يكسر بفأسه كل أشجار الحزن... بالكتابة أجلس مع أصدقائي حول طاولة الفرح وفوقنا يضحك القمر الخجول، وبالكتابة يركض قلبي ليعانقها ويعانق أيامها التي تبتسم وتتعجب من خيالي الواسع وجنوني الفاضح! بالكتابة بوسعي أن أكون أكثر إتساعًا وبوسع روحي  أن تتشكل على هيئة قوس قزح !

الاتجاه المعاكس

تلك القبلة الطويلة الدافئة الناعمة لم تكن لها فحسب بل كانت لكل شيء في الحياة.. خرجتما من تلك اللحظة وكانت السعادة ترفرف حولكما: السماء كانت أكثر زرقة والبحر ود أن يعانق الأقدام والعصافير أنشدت أغاني الخلود ركضتما تتسابقان إلى الغد الذي كان يجري في الاتجاه المعاكس. 

إسوارة الحياة

تقترب وتبتعد.. تحاول أن تكون معك ولكن تخاف أن تكون ضد نفسها.. العشق إسوارة ولكن معصمها يحب أن يكون حرًا تقول: أنت تقول كل شيء ولكنك تفشل في أن تكون واضحًا وأقول: القلب يخفق ويضيق ذرعًا حينما تلتف الحياة بضلوعها حوله. 

كبسولة أمل

تمزق عضلي منعني من الالتفات وجعلني أستعين بيد تساعدني على النهوض، وأجبرني أن أستلقي أكثر وأن أتوقف عن السير بسرعة! لا أود أن أسرد تاريخي المرضي هنا بل أحببت أن أتأمل بالكتابة وأن أفكر مليًا في معنى أن تستند على أكتافهم وأن تكف عن كونك السند لمن يحتاج كتفك! ما معنى أن تختبر الألم ولو في أقل درجاته؟ وما معنى أن تمضي اليوم تنتظر الفرج الذي يأتي مع كبسولة دواء؟ ما حال أولئك الذين طال بهم الألم حتى صار ملازمًا لأيامهم وما حالهم في الليل عندما يستيقظ شيطان التعب ليعبث بأجسادهم؟! وبعد هذا كله ما حال من تألمت روحه حيث لا دواء يشفيه ولا ذكرى تسعده ... وما حال من يمضي في هذه الأيام وحيدًا دون أرواح تخلق له السعادة وتبعث فيه الأمل من حيث لا يحتسب. وهل بوسعنا أن نضع حدًا للأحزان والمآسي من حولنا ونستيقظ في يوم جديد يقدم لنا السعادة في كبسولة أمل!

أيام الكافيين.

خرجوا من تلك البنايات الملونة صحبة أكواب الكافيين الضخمة.. استيقظوا قبل دقائق ولكنهم اعتادوا أن يجربوا الاستيقاظ أكثر.  ركبوا صناديقهم وسمعوا تلك الأغاني التي تحاول أن تثبت لهم أن الصباح أجمل، ولكن ملامحهم العابرة تقاوم بتكشيرة.. عبروا الطريق ودونوا الأسماء في دفاتر الحضور آملين أن يصبح اليوم أقل سوءًا.  انشغلوا بهواتفهم المحمولة وشاركوا أصحابهم والغرباء بالكثير من الوجوه التعبيرية .. واجتهدوا لكي تكون الحياة سريعة حتى لا يأخذهم التفكير ويجعلهم يركزون في اللحظات التي تتنفس أمامهم.  ساروا في الدروب الصغيرة وانتعلوا مخاوفهم من المستقبل واستقبلوا الخوف بحديث عن أخر خبر سياسي يجدد أحزانهم ويثير خوفهم.  ركبوا الموجة وتناسوا ما كان بالأمس وفكروا في نهاية اليوم وصعوبة النوم في هذه الحياة السريعة.. تناولوا أقراص النوم.. وكانت ليلتهم بلا أحلام تجدد الماضي أو تبشر بالمستقبل.  عادوا للبنايات الملونة واستفاضت أقداحهم الملونة بالكافيين الذي اعتادوا أن يكون رفيقهم في صباح ( يابس ) ويائس. 

حبيتك تنسيت النوم

وكأن العناق يختبر لهفتنا .. الأصابع توشك أن تنغرس من فرط الشوق .. والقبل توشك أن تحرمنا التنفس.. نلتقي في منتصف الصيف في منتصف عمر الحب في بداية ليل يشتاق لحديث يبدأ ولا ينتهي .. لا أملك القدرة على الكلام، هكذا تلقي التحية .. لا أكف عن التفكير فيما سيحدث لاحقًا، هكذا يلقي التحية .. نعتذر عن الغياب ويفرح ليل أغسطس ويحتفل بنا ونحن نصعد  سلالم الشوق. - الغياب هو أكبر ذنوب الحب و نحن نتوب بأصابع تحرك جمر الشوق، ومن فرط اللهفة ننسى المدينة وأضواء الشارع وننام على صوت أغنية تعاتبنا: " حبيتك تنسيت النوم"

قلب غزاه المشيب.

كلما أردت الخروج عن المألوف تقاعست نفسي، وكلما أردت ملامسة السماء تلاشت أصابعي.. وكلما أوشكت أن أحب تراكم الشيب على قلبي. أدخل في جوف الحكاية وأستقي الكلام من صمت مر لساعات، وأحاول الانتماء للتأمل ولكن أحاديث الغرباء في المقهى تنهي محاولاتي. أشرب القهوة ولكن الصيف يعاتبني على المرارة أدخن ولكن الهواء يعنفني وأحار أي طريق أسلك لكي تكون الكلمات أكثر عذوبة. أبدأ في توزيع الأدوار على الحضور في قصة صغيرة:  ترفض هي دورها ويطلب هو أن يكون المنتصر في النهاية، ويعاني العابر من ضجيجهم ويغلق الباب بغضب خلفه. وأسأل هل هناك حكاية أستطيع أن أكتبها لأصف الحب بصمت، أو أعلن أن الكلام كثير ولكنه دون معنى.. وأن الأحرف ولو تكاثرت فهي تعجز أن تأتي بالجديد، أو تعبر عن حنين نام في قلبها لسنين ثم استيقظ في ليلة صيف قاسية!

عن المريض النفسي والتنويم والعنف!

وجود المريض في مصحة نفسية لا يعني جنونه وفقده للأهلية،فأحيانًا حتى ما اصطلح عليه قديما بالجنون-عن طريق الخطأ-يكون من الأعراض الحادة المؤقتة. والأمراض النفسية متشعبة ومنها ما يقبل العلاج بسرعة ومنها ما يحتاج الكثير من الصبر من المعالج والمداومة على العلاج من المريض. التنويم لسنوات قد يعود بسوء على المريض وعلى المرضى الآخرين بحرمانهم من الأسرة.. وهو من أسباب تدهور المهارات الاجتماعية عند بعض المرضى. لذا يكون التنويم في حالات محددة وينتهي عندما تنتهي الحاجة إليه ، بمعنى أن فكرة عزل المريض ونفيه لسنوات يجب أن تتوقف ، ونسبها حاليًا تناقصت .. ولكن يجب أن تتناقص أكثر لتأتي فكرة تأهيل المريض في المجتمع والمصحة في ذات التوقيت. كلما كان المريض قريباً من المجتمع كلما كان العلاج أفضل بشرط أن لا يكون هناك خطر على نفسه أو على الآخرين. وبمناسبة الحديث عن الخطر ففي أغلب الدراسات العلمية المحكمة نجد أن نسبة الخطر متقاربة بين المريض النفسي مثلاً مريض الفصام وبين بقية المجتمع. أي أن النزعة في الصحف لوصف الجرائم اليومية بأن مرتكبها قد يعاني من مرض نفسي ، هي فكرة خاطئة وفيها من التعميم الذي لا ...

عطركِ في المخيلة

لا أبالغ عندما أقول أن ظلكِ له عطر يبقى في الأمكنة بعد مرورك .. وأنكِ عندما تلقين التحية تبتسم الأشجار وتود أن تترك أماكنها لتعانقك. لو أنني كنت أول فكرة تستيقظين عليها لو أنني كنت آخر صورة تغلقين جفنيكِ عليها لو أنني كنت أقرب من الماء لعطشك لو أنني كنت الهواء الذي يتسع له صدرك لو أنني كنت ارتعاشات قلبك لو أنتي كنت أجمل حنين لروحك ولو أنني كنت أعذب صوت سمعك لكنت أنا ما أود أن أكون في هذه الحياة القصيرة. 

مشهد أخير

  مشهد أخير : في نهاية الحياة سنتألم وسنموت إلا من وفر حظه ومات صدفة دون مقدمات. ما أردت قوله : أننا نمضي صفوفًا إلى الموت وقد ننشغل ولكننا حتمًا في الطابور ، لذا لماذا نحمل الحياة فوق قدرها وفي نهاية المطاف نحن نعد أنفسنا لموت محتوم.  ورغم هذا لا تنسوا أن تعيشوا وأن تطلقوا العنان لأحلامكم والأمنيات.

-

‏لا تحزن عندما تتأخر الأشياء عن مواعيدها فلربما هي تتأنق من أجلك. هكذا أعزي نفسي بالكتابة وأخرج من الصمت بعذرٍ يتمنى أن يجد الصدى في قلبها وهي تعلن العتاب علي.

ترداي النصيب*

تبتعد عن فخاخ الحياة وتسقط في شرك قصيدة بوسعك أن تتذوقها وبوسعها أن تحملك أعلى لترى أن التفاصيل الكبيرة صغيرة عندما تراها بعين شاعر ينظم الأيام على شكل مسبحة من جمال.   - أعود إليها وأنا المتعب من محطات الطريق ومن أحاديث الغرباء وعتاب الرمل .. وأتمنى أن تقول أي شيء لأشعر بقلبي وهو يعود إلى سنين الغرام الأولى.  تقول : أنت متأخر على الدوام وأني أترك الأشياء مفتوحة دون نهاية وأنها لا تطيق هذا الرماد الذي يتراكم على روحي .. وأقول أني مع تقادم العمر لا أملك إلا الأرق وذبول الملامح وأمنيات مكتوبة على الأوراق لكنها لا تقوى على السير ومخالطة الأيام ومصافحة الأشواق الراقصة من حولي.  لو كنت حرفًا لما استطعت المضي قدمًا إليها ولو كنت قبلة لما استطعت أن أقترب إلى خد ينبض بالحياة ولو كنت صوتًا لما استطعت مفارقة فمي  ولو كنت سمعًا فليس بوسعي أن أصغي  ولكني رغم هذا العجز يدفعني الحنين إلى الكتابة.  - هكذا أفتح دفتري لأكتب رسائلي المتأخرة وأكافح الحزن بقلب بوسعه أن يقتبس منكِ الجمال ولكنه يعجز عن المقايضة!

وردك يا زارع الورد

في ساعات الكتابة يطل وجهكِ وأنسى ما أردت قوله وأفكر فيما تريدين أن أقوله .. لذا أجدني أراوغ في الكلام كي أكسب ولو ابتسامة مؤقتة على شفتيكِ وأنتِ تشعرين أن هذا الكلام بدايته منكِ ونهايته إليكِ. يستيقظ الصباح ويعد نفسه لكِ .. تبتسم قطرات الماء وهي تعانقكِ .. تفرح حتى فرشاة الأسنان وهي في انتظاركِ ، تقفز الأغاني وتحتفل معكِ .. تبتهج الملابس .. يغني الطريق .. وتذوب القهوة شوقًا إليكِ. أتبعكِ بقلبي وكأني المترصد دومًا لصباحاتك .. تشعرين بالتناقض تجاهي ولكن قلبكِ ليس بوسعه أن يرفض تحيتي .. فأغني وتغنين : "صبح صباح الخير من غير ما يتكلم"

الرياض فجرًا.

آن للأغنية أن تجري في أوردتك وآن للحب أن يكون خلاصك ، آن لك أن تأخذ قلبها في نزهة في دروب المدينة وآن لك أن تترك هذا الرداء الأسود الشاحب الذي غلف روحك. حينما توقفت عن استشعار ذاتك توقفت الحياة وأصبحت الثابت في دنيا راكضة، وحينما قررت أن تخرج وتلامس حدود المدينة بروحك وأن تقدم نفسك لها بكل ماضيك احتفلت معك وأخبرتك عن مواطن الجميل فيك فأصبحت ترى المدن أجمل وأروع. لذا تحرك بقلبك وكن مشرقًا وكن طامعًا بيوم جديد لا بأمس عجزت عن تكوينه كما تريد. 

فخاخ البنفسج

في البدء غلفنا رسائلنا بالحب لكي نصل إلى ما نريد ولم نكن نعرف أننا قد نسقط في الفخ ونصير ضحايا من أردنا إيقاعهم في شباكنا ! كان إدعاء الحب هو أسهل الطرق إليهم ولكن الفتنة أفسدت نوايا الخداع وأحببنا ولم يكن بوسعنا الهروب من الكذبة الأولى ولا من الحقيقة التي تجلت بعد حين ! ولكن هل نحن نحب فعلًا أم هو ذلك الخوف من الوحدة ؟ وما هو الحب وما هو التعلق وهل من اللائق أن نستجوب قلوبنا عندما نحب ونسأل ما الأسباب وما الدوافع ؟! - مع مرورنا بمحطات العمر تهاجمنا الذكريات ويغزونا التذكر والحنين ، ولا نعرف متى صدقنا ومتى كذبنا ومتى شعرنا بالحب لأول مرة. ولكن العمر يفضح كل شيء ويعلمنا أن الحب لا شكل له .. وأنه يتجلى في أن تحب ذاتك قبل الآخر كي تكون قادرًا على العطاء والثبات في أعين من بادلوك الحب ونصبوا لك تلك المصائد الجميلة. 

فقط.

تمتد الأصابع للمصافحة ولا تمد القلوب جسور مشاعرها ..الدفء هو أكبر خاسر ، والثلج يتراكم على الألسن .. والعبارات وإن باحت بكل الجمل فهي تعجز أن تجبرنا على أن نكون أروع الأصدقاء.  محتالون ننصب للآخرين فخاح الحديث كي يعلم من لا يعلم عن قبح يحاول صاحبه جاهدًا بأن يخفيه.  محتالون نسرق زلات اللسان وننصب رايات التصنيف لمن لا يعلم أننا وضعناه في خانة لا تستوعبه.  محتالون نضحك فقط لأننا نريد أن نشعره بأنه عكس ما يبدو .. ونستاء لنجعله يغادر عاداته الجديدة.  ظالمون نهب الوقت لمن لا يستحق ونهمل من يستحق ونقدم له التحية كوجبة سريعة دون اكتراث.  نمشي في دروب الحياة ونظلم وننسى ، نجرح ونظن أننا نفعل الصواب ، نكتب ولا نهتم بوقع الحرف ..  نبتعد ونقترب دون أن نستشعر مكاننا الصحيح .. نعيش الحياة وكأننا نريد أن نتخلص من مشاعرنا وننسى  أن الحياة تأمل ولطف وعطاء. 

الحياة يسعدها أننا لا ننام.

لا ينام وقد يطارد حلمًا ما لا ينام وقد يقض مضجعه قلق ما  لا تنام وتكل أصابعها من فرط تحسس قلبها وهاتفها المحمول .. لا تنام وتملها الوسائد ومسامع الصديقات.  في بداية الفجر يقرر الجميع أن الوقت قد فات.. يودعون الأسرة الدافئة متظاهرين بأنهم استيقظوا للتو ..  والفكرة تلوح - لم يكن النوم أساس الحياة- تصافح الأعين الشمس ويحل العذاب ولكنهم قد قرروا أن الوقت فات .. وأن هذا اليوم جديد وصالح للتظاهر ! القهوة ساخنة ومقاعد السيارات باردة .. المصافحات تتكرر والناس لا يعلمون أنهم ما تلذذوا ولو بالنعاس ..ويستمر التظاهر  وأحدهم أمعن فيه حتى خيل للناس أنه كان في سبات ! هو لا ينام وهي لا تنام ، والحياة أيضًا يسعدها أننا لا ننام !

أعمى يقتل أعمى !

حقيقة هل هناك من أحد يفكر في هذا الليل بقطة جائعة يقتلها البرد ويداهمها المطر فجأة وتهرب بكل ما فيها بحثًا عن مأوى ومن فرط العجلة تركض دون أن ترى وتدهسها سيارة شاب لا يعبر عن فرحته إلا بالسير مسرعًا دون أن يبصر؟! مجاز وهل هناك من أحد يفكر بمن فقد بصره وبصيرته وصار يخرج ليقتل ليدافع عن فكرة أو موقف وهو يجهل أن الآخر ربما يعيش حياته العادية - دون أن يفكر في الأيدولوجيا - آملاً في لقمة عيش ومنزل وعائلة تنتظره وتخاف عليه عند اشتداد البرد والمطر ؟!

جرم عاطفي !

لها الحق بزنزانة ضيقة .. ولها حق معانقة الريح ! لها حق السهر وفي قلبها ألف أمنية ولها حق التمرد على سياطهم لها الأمان إن أرادت تحدي عواصف ظنونهم ولها الخوف إن مكثت -كالفرس المغلوب على أمرها في إسطبلات توقعاتهم !- - هي الآن تختار فستان السهرة وبعد قليل سوف تسأل المرآة عن زينتها ، وأجزم أن الجواب لن يكون سوى : أنتِ جميلة على الدوام ! صوت خطاها الخجولة يقترب إليه .. ولكنه يغادر هاربًا صارخًا: هذه جريمة!

بيجامة الوقت المقلوبة.

لا يهمني أن أرتفع مكانًا دون أن أرتفع بروحي .. ولا يهمني أن يقول الناس عني ما يرونه مبهجًا بقدر ما تهمني بهجة روحي  .. في كل الأوقات أحاول أن أدنو مني وأبتعد بقدر ما استطعت عن الناس وآفات الكلام وفخاخ ألسنتهم .. وأهرب من ثم من السائد وأحاول قدر المستطاع أن أكون أنا مجردًا منهم ومن آرائهم وآمالهم وطموحاتهم من الحياة ورغباتهم وعموم حديثهم عن السعادة والحياة والنجاح والفشل والمعيب والمشين والكمال والمروءة والجمال وعن ما ينبغي وما لا ينبغي.. حاولت في كل الأوقات أن أرتدي بيجامة الوقت مقلوبة كي أستشعر في كل ليلة أن الحياة ملحها وجمالها في أن تكون أنت أنت. 

نرد.

السيدات والسادة يجب أن نذهب .. يجب أن  نذهب  إلى أي مكان فالبقاء لم يعد مغريًا .. أن نتحرك صوب وجهة أخرى هذا هو الهدف. يجب أن نتخلص أيضًا من العيش كقطع الشطرنج والتفكير مليًا في الخطوة ومصيرها ومن الوقت الطويل من التفكير المضني.. خذ كل الأنفاس العميقة وتظاهر ولو لوهلة بأنك حبة نرد متماهيًا مع الفكرة راميًا بنفسك دون وعي على خشبة الحياة متجاهلًا كل أفكار الربح والخسارة ! كن قويًا في التجاهل وكن شجاعًا بالخروج على المنطق .. لا تسمح للصمت بأن يكبل روحك ومارس الصراخ والركض في دروب الحياة ولا تلبس ثياب الحياة الرتيبة ولا تكن كالقالب الذي يصنعه الآخر لك لتكون نسخته المكررة .. كن رشيقًا كالسهم ساعة الفرج من القوس وكن صاخبًا كالأطفال في قاعات الهدوء المظلمة الرتيبة. 

لنا الله

حدثني عن اللحن عندما يتسارع كنبضات القلب ويوشك أن يغادر الصدر وسأحدثك عنه عندما يقف ويصافح قلوب العشاق ليبارك الحب الذي يشتعل بأطراف الليل ! حدثني عن الفن عندما يمسك بقلبي ويدلني وأنا ضرير الشوق لشباك تلامسه أصابعك وسأحدثك عن أول عطر لحبيبة قبلتها! حدثني عن أول حب وأول خصلة شعر لا تغادر قميصك لتطلب اللجوء وتتمنى أن تعود لتبقى أكثر. حدثني عن الصباح وأول فكرة تلوح في آفاق سيدة البدايات الجميلة. حدثني عن أحمر الشفاه في فناجين القهوة لأحدثك عن آخر نظرة في أول لقاء وآخر كلمة في معلقة الوداع. الفن مفتاح القلوب يؤنس الوحشة وعندما تتعانق الأجساد يستر خجل الآهات ويطلق العنان لكل تحفظ تتعثر به أرواحنا الخجولة. 

لو أنك غيرك

الضباب في السماء والأرض تنفث دخان الليل وكأنها تستريح وتدخن سجائر الصمت .. الناس في هدوء والأسرة دافئة والشتاء يهز جدران المدينة .. لا صوت إلا صوتك وأنت تعبر المسافات الطويلة إلى شعاع في آخر نفق الروح المظلم  لا تملك القدرة على الالتفات ولا على التوقف.. الأشجار مستيقظة تعانق نسائم الليل وكأنها فرحة بهذه الموسيقى الهادئة .. القطط تركض وهي لا تفكر بمكان الخطوة القادمة .. والطيور تنام هادية ولا تحمل سوى هم التحليق في صباح قادم.  تقول لنفسك : من حرمك القدرة على الركض دون خوف والتحليق دون اكتراث ؟!  تتمنى لو أنك غيرك ولو أن الحياة تمنحك صباحًا فكرة طائشة تجتث أقدامك الراسخة من تربة غادرة تأخذك أعمق فأعمق ..  الآن تفكر في آخر أغنية وتحاول إسعاد نفسك وتسأل مرآتك : من أنا ؟!

مزج !

أحيانًا أحب مزج النبطي بالفصيح لأثبت لنفسي أن الشعر في الخيال لا في تراكيب اللغة .. وأتخذ من أمل دنقل ونايف صقر مثالًا أسرده هنا ، ففي قصيدة زهور نجد المريض المتعب أمل دنقل وهو يرى سلال الورد أمامه ويقول : "وسلال من الورد ألمحها بين إغفاءة وإفاقة ، وعلى كل باقة اسم حاملها في بطاقة ! " هنا يتجلى الشعر في أكثر الأوقات حلكة .. ومع اشتداد المرض يفكر الشاعر في الورد ومن أين أتى وكيف عانى في طريق الوصول : " تتحدث لي الزهرات الجميلة أن أعينها اتسعت دعشة لحظة القطف لحظة القصف  لحظة إعدامها في الخميلة ! تتحدث لي ... أنها سقطت من على عرشها في البساتين  ثم أفاقت على عرضها في زجاج الدكاكين أو بين أيدي المنادين حتى اشترتها اليد المتفضلة العابرة  تتحدث لي كيف جاءت إلي  ( وأحزانها الملكية ترفع أغصانها الخضر ) كي تتمنى لي العمر  وهي تجود بأنفاسها الآخرة ! كل باقة بين إغماء وإفاقة  تتنفس مثلي بالكاد ثانية .. ثانية .. وعلى صدرها حملت راضية  اسم قاتلها في بطاقة...!" وننتقل من هنا إلى نايف صقر وهو يزور من أنهكه المرض في المشفى...

سعادة عابرة.

في الشتاء عندما نصاب بالانفلونزا ويقعدنا العجز عن مصافحة الأصدقاء والتجول في طرقات المدينة .. نتحول إلى ذواتنا ونجد الوحدة تتراكم في منازلنا وتحيينا في كل الزوايا. لذا فأنا أحب هذه الهبة لأنها تجبرني أن أتأمل أكثر وأنصرف من ثم عن الناس وأحاور ذاتي مليًا وفي لحظات التجلي ربما أعشقني - ليست نرجسية - ولكنها متطلبات المرحلة فيما يبدو. قبل قليل تصفحت الكثير من الماضي وهو الذي شجعني على الكتابة ، وتذكرت ما كتبته قبل سنوات لحبيبة سيئة المنقلب وندمت كما ندم محمود درويش على قصيدة أعدها لحبيبة متأخرة على الدوام *، ولكني أشعر بفرح يجعلني أصفح وأنسى وأحيي وأهدي نخب هذا الحليب الساخن لكل ما مضى وما سوف يأتي ! يمضي الوقت وأنا أرتجل الأحرف وأحاول أن أمرن عيني وقلبي على الجمال لذا أستمع إلى صوت طلال مداح وهو يغرق في  لحن أغنية عنونها : يا حلاتك، وتحط في ذهني صورتها مدهوشة وهي تقرأ وتهرب من ثم بسمرتها الناعمة إلى حديث محايد يفضحها ولا يستر ما تريد كتمانه. أين كنا ؟! - تذكرت .. مع الانفلونزا وهذا الدفء الذي يصاحب الروح والجسد .. لكن أريد أن أقول بأني لست أشتكي بل أنا سعيد بهذا الدوار العذب وهذ...

تكلم كي آراك.

لو تصفحت ما مضى لي من نصوص لوجدت أن الحزن ضيفي الدائم وأن الفرح خجول بين الأحرف ، ولكني لست بالحزين على الدوام ولا بالسعيد أيضًا، حياتي تتقلب بين نعمة وشقاء ولكني محظوظ ربما بالصعاب والتجارب الكثيرة والمسافات الطويلة وبالأحاديث التي لا تنام.  لو أجلسني أحدهم على مقعد المصارحة وسألني عن هوايتي الأولى لأجبته دون تردد : أهوى الحديث ! الحديث شغفي الدائم وأجده يلاحقني في السماع وفي الحديث عبر الورق أو من خلال مئات الأرواح التي لاقيتها وعرفتها في منعطفات الحياة.  في الحديث شفاء خصوصًا إذا تعرينا من المقدمات والرموز والعقد التي تتراكم كالملح على ألسنتنا.  الحديث شهد الروح ومرآة القلوب وطريقنا لكسب ود صديق أو قرب محب .. لذا علي وعلينا أن نواصل الكتابة والكلام ما دام القلب يخفق في هذه الحياة. 

افتح قلبك.

لست في موضع المنظر ولا العالم بكل خفايا النفس ولكني وجدت مع الوقت أن الصراحة علاج لا مثيل له .. والصراحة قد تكون في جلسة تأمل مع الذات وقد تكون في حوار طويل مع صديق أو حبيب .. وقد تكون في همس لقلم يكتب ما نعجز عن التفوه به. في عيادة ما وفي جلسات متكررة مع مريض كتوم نصحته بالكتابة دون ضوابط وقوانين وأن يرسلها مباشرة دون تدقيق إلي .. ومع الوقت أدمن الكتابة وحقيقة وجدته يقول ويضع الحلول لكل أمر يعجزه. وأنا هنا عندما أكتب فأنا أحاول أن أهرب بالرموز من نفس لوامة ومن أيام متربصة تريد أن توقعني في فخاخ الحزن !

توحشناك

هذا الليل طويل بما فيه الكفاية وأجدني أمسك بكل الأشياء محاولًا قطع الطرق الممتدة من الحزن دون أن أجرح قلبي ! أقبض الوقت بكل جهدي وأجده يتسلل هاربًا مني ذاهبًا إلى ما لا أريد من صور وأفكار لا تقدم سوى الشوك لروح مضطربة ! أخرج إلى الأصدقاء ولا أجدني في أرواحهم .. أنشغل بالكتاب والشعراء ولا أجدني إلا في أتعس ما كتبوا .. أمد طرفي إلى اليوم القادم ولا أجد سوى الضباب مبشرًا بالعتمة .. أراكم على لساني كل عبارات التفاؤل ولا يبقى سوى ملح الحروف الصعبة .. رسالة عابرة تختار جوالي في هذا الليل وتضيء ببياضها كل السواد وترقص صادقة : ( توحشناك ). فأفرح وأعرف أن الحزن قد يذوب في لحظة بعبارة تعرف الوقت المناسب.