هرمت يا أمي
هرمت يا أمي ولم أعد أنتظر خطو الصباح وهو يطرق باب بيتنا الشعبي ، كبرت يا أمي ولم تعد لعثمة الفجر تعنيني ولا لهفة الأطفال الذاهبين إلى جليد الفصول الضيقة تغريني. هرمت كالرماد بوسعي التلاشي وبوسعي البقاء كشيئ بلا كينونة ! سأخبركِ سرًا : فتاة في المشهد تقول في باكورة اليوم : صباح الورد ، وأرد بصوت منعكف إلى الداخل صباح ما تبقى من حلكة الأيام ، وترحل الفصول ولا أحد يمسك بقلبي ولا أحد يربت على طفل يعشق من الحكايات أحزنها. هرمت وصارت يدي قداحة ، كل ما أمسكه يحترق ، أنا ميداس النار وأخشى أن أحرق نفسي بنفسي ! هرمت ورحل صديقي الطيب ورحلت جدتي وبقيت أبكي على حياة تأخذ ضعف ما تعطي ولا تبقي سوى هذا الصدى اللزج الذي يكرر نفسه في نهايات أيام تعيسة. هل تذكرين الشعر ؟ وهل تحتفظين بأول قصة حب وهل يعطش النعناع الذي يلقي علينا أول تحية في الصباح ؟. هرمنا يا أمي وتراكم العفن على سطوح أيامنا ، وتراكمت أفواه الناس على مسامعنا ولم يعد بوسعنا أن نصافح ذلك النسيم العليل الذي ينبعث من شقوق جدار بيتنا العتيق.
تعليقات
إرسال تعليق