أيام الجسد.
بكل بساطته يقول : عندما تكون شمعة نفسك تستطيع أن تدرى عنك الرياح , وتستطيع أن تظل مشتعلاً طيلة العمر !
أستيقظ قبل أن يجمع منبهي شمل صوته ويصيب نومي في مقتل , أسابقه وأتقدم عليه بدقائق طويلة , أستفزه عندما أخبره : لن تصيبني بالصمم بصوتك النشاز.
هكذا قبل أن تستيقظ الشوارع من هجعتها أعاتبني على صلاتي المنسية , ويوسوسني شيطاني : وقتك بحر طويل لا تقلق يا ماجد .. وأستجيب وأتصفح رسائلي وأحذف منها ما كان مكرراً , وأتطلع في شاشتي الصغيرة .. ومن ثم أضع اسمي في خانة قوقل وأبحث عني وأجدني , وأبتسم و الغرور يتساقط علي زخات زخات , فتتكدر نفسي من سعادتي وغروري ! وتهمس لي :أن ذهبت السنون يا ماجد , ومن ثم تريني مشهد سنواتي كلها وهي تمر كعربة راحلة .. وأنا في مكاني لا أحركني , والعربة تتقلص لتصبح نقطة صغيرة في فضاء كبير .
* * *
لم تستيقظ عنيزة من نومها بعد , لكن صوت جارنا يعلو على كل صوت , يتجشأ .. يـ تنحنح ويحوقل وييغني بلحن الهجيني ثم يعدل عن ذلك وينادي أولاده … أحدثني أن : سيتلاشى صوته ذات يوم ,ويصبح ضعيفاً مقوساً مرتداً على نفسه كما هو حال جسده الآن إلا قليلاً .
* * *
الشمس تفك أزرار الفجر واحداً تلو الآخر .. تباغته وتنساب أشعتها برقة وخفة .. والمدينة ما زالت في هجعتها يراودها الكسل عن نفسها .. , أجزاؤها التي تسلطت عليها الشمس تستيقظ مذعورة وكأنها متأخرة عن موعد ما , أما تلك الأخرى فما تفعل سوى إغاظة من استيقظ بشخيرها الموغل في التهكم .
* * *
يتحرك جسدي يفعل أشياء لم يؤمر بها وبتمرده المعتاد يتعرج في طرقات مجهولة , ويصافح أناساً لا أعرفهم ويبتسم لهذا ويحزن لحزن ذاك , أراه لطيفاً جداً بشوشاً لين الجانب , وأوشك أن أثني عليه , لكنه ما يلبث أن يتقلص ويتقوقع على نفسه ويرتسم بين حاجبيه رقم سبعة الذي يجعله في نظري قاسياً ومنفراً للآخرين وباعثاً للإشمئزاز في نفوسهم , أتطلع فيه ملياً .. أجد أنه لم يحلق ذقنه حتى وكأنه خارج من كهف ما .. فأعاتبه بدوري لكنه لا يرد ويمارس تجاهلي ويكتب كلمات لا أفهمها أبداً في أوراق بيضاء بين يديه .
هكذا يتنصل مني , هكذا !!
أحاول أن أكتب له : أنا ذراعك بل أنت ذراعي وستعود إلي عاجلاً أم آجلاً , لكن الأحرف تتذوب في الورق الأبيض وتتلاشى وكأن شيئاً لم يكتب أبدًا , فأقتنع أن كل ما أفعله سدى , وأني هنا لست سوى طيف برفقة جسد لا أستطيع أن أحكمه . !
تعليقات
إرسال تعليق