وكأنها أمي في منتصف العيد، القهوة تتجول في ممرات البيت تعايدنا قبل أن يحين العيد، ذلك البخور يأخذني إلى حضنها، البدوية التي تحجل من فرط المشاعر، أقبل الراس وتهطل الدموع، والبخور يعلن تواجده، والقهوة تحزن على فناجيلها الفارغة!
هناك صباح بحاجة إلى قهوة، وهناك آخر يشدنا بكل قوته إلى الركض دون وعي دون كافيين، المنبه هنا يعتذر على ازعاجنا لأن العصافير وشوشوت أن استيقظوا، هذا الصباح الباسم يستيقظ فينا يخرج قبلنا ويعد النسيم كما ينبغي.. ينادي للشمس: كوني هادئة ولا تجرحي أعينهم، نستيقظ ونمد قلوبنا للغيم.. ويهطل المطر راقصًا على أفئدة أتعبها " الضمى"
في هجعة الليل، يتراءى لي ما كنت أستره عن عيون الناس، قمر شاحب ينادي على الحنين، نصف نجمة تخجل من نورها، أزقة الحي القديم، مئدنة الشارع الدافئة، تلك الذكريات التي تذيب القلب، ألعاب الصبى وخدع الأطفال؛ ذلك الركض العنيف في متاهات الروح، الأخطاء والزلات،. أنصاف الحلول والهرب صوب شمال عذب، مشارق النفس بعد حديث دافيء مع صديق يستر ما كنت تخشاه، الليل متاهة والنفس تخشى الغموض، نسارع في الخطى صوب مستقبل غامض، ننسى العيش ونجتر تلك المسافات التي قطعناها، يقتلنا ما مضى وننسى ما نعيش.
هناك أعراض انسحابية لكل شيء حتى الترك حتى الحديث حتى السلام والتحية، لذلك يسرف البدو في وداع ضيوفهم حتى ينتهي الوداع بصوت من بعيد. ما كان كثيرًا في يوم ما يصعب أن يزول فجأة بالكلية، نحن نعاني دائمًا من رحيل أو فقد مفاجيء، الأحبة عندما يرحلون نرقبهم حتى يصبحون كالنقاط الصغيرة البعيدة في أفق أعيننا، لذلك يحزننا موت الفجأة حتى مع إيماننا أن هذا سير الحياة، لذلك نتمنى أن تتمهل الحياة وتمنحنا تلك الفرص المناسبة لتوديع من نحب كما يليق بهم وبقدرهم في أعيننا.