WEIRD bias- علم النفس الأمريكي.

 في عام ٢٠٠٨ نشر عالم النفس الأمريكي جيفري أرنيت، مقالة بعنوان:

The Neglected 95%

وفيها تحدث عن أن الدراسات النفسية المنشورة في المجلات النفسية المرموقة تمثل عادة من يعيشون في المجتمع الأمريكي الذين يمثلون فقط ٥٪ من سكان العالم، وأنها تتجاهل النسبة الباقية من سكان العالم الذين يعيشون في ظروف اجتماعية ومادية ونفسية مختلفة وأنها تمثل أولئك  يعيشون في مجتمعات غربية متعلمة صناعية غنية وديموقراطية، الأمر الذي عنونه مؤلفون أخرون بما يسمى ب "ويررد بايز" أي أن الدراسات منحازة ولديها نزعة لتمثل نسبة قليلة من سكان الكرة الأرضية.

WEIRD- Western, Educated, Industrialized, Rich, and Democratic.

هذه الدراسات كانت مهمة لأنها حركت الكثير من الأفكار الكامنة، وأيضًا كان هناك نقد داخلي حتى للدراسات المنشورة في أمريكا لأنها غالبًا ما تجرى على نسبة لا تعبر عن المجتمع، فمثلًا تجرى الدراسات على طلبة الجامعات أو عينة لا تمثل حتى المجتمع الأمريكي برمته!

الفكرة أن هذه الدراسات المرموقة انتقلت بطرقها ومنهجيتها دون تعديل إلى كل دول العالم ومن ثم طبقها الباحثون في الشرق دون أن يلتفتوا إلى سؤال مهم وملح: هل هذه الدراسات تمثل مجتمعاتنا؟ وهل هم بحاجة لتغيير منهجية البحث أو الدراسة كي تلائم ظروف المجتمع الذين يبحثونه؟

هذه الدراسات بشكلها الخاص تتحدث عن الأبحاث النفسية، ولكن بشكلها العام تنتقل لعلوم أخرى، وعلى سبيل المثال الطب التلطيفي، والطب التجميلي، وأي شيء يستند على فروقات معرفية واجتماعية ودينية بين المجتمعات.

ولو أخذنا الجمال على سبيل المثال، فلو درس أحدهم معاييره وأخذ عينة أمريكية بحتة وقارنها بعينة من اليابان أو النيجر أو فيتنام، فربما سيجد بحثه الكثير من الصدى عالميًا وسيعتبر مهمًا ومعبرًا وشاملًا ، ولكن لو كان بحثه فقط يستند على مقارنة بين عينات في ذات المجتمع فالنتيجة لا تعتبر عالمية ولا تصلح للتعميم.

قد يختلف البعض هنا، ويتحدث باحث ما أن الإنسان في الصين هو مشابه للإنسان في أمريكا، وبوسعي كباحث أن أحصر الاختلافات البسيطة وتحييدها والخروج بنتيجة لا تؤثر فيها الثقافة ولا البيئة، وربما يصلح هذا الأمر في بعض الأمور وربما بوسع الباحث غربلة بعض الدراسات وتهميش الفوارق بين المجتمعات، ولكن حتمًا ليس بوسعه تطبيق هذا الأمر في كل العلوم، حتى في بعض العلوم المجهرية والعضوية، يوجد فوارق كبيرة بين المجتمعات، وعلى سبيل المثال تأثير بعض الأدوية على الإنسان الشرقي مختلفة عن الغربي، تبعًا لطريقة تفاعل جسده و"إنزيمات" كبده للأدوية.

الأبحاث مهمة لتغيير شكل ممارسة الطب والعلوم التطبيقية، ولكن ما دمنا ننسخ منهجيات البحث من غيرنا ونتناسى أن هناك اختلافات جوهرية تفصلنا وتمايزنا عنهم، فحتمًا سوف نجد في يوم ما فجوة بين العلم الذي نروجه له وبين المجتمع الذي نريد مساعدته، لذا في مراكز الأبحاث المحلية، من الجميع وضع هذا الأمر في الحسبان ودراسته كعامل مهم عند قبول أي مقترح بحثي.

تحيتي لكم! 


§١The Neglected 95%

تعليقات

  1. كنت اعتقد بوجود مشكلة كهذه فيما يخص العلوم الانسانية ( علم النفس و الاجتماع)، حتى لم اتفاجئ عندما ذكرت الاختلاف في تفاعل الأجسام الغربية و الشرقية مع الأدوية تجريبياً، مرحى فالعلم يناقض نفسه :) و هذا ليس سيئاً لأنه يجعل هناك متسعاً في ظل الضيق أو التضييق!

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصف نجمة

توحشناك

تمارين الوداع!