خيانة مدينة!





على مدى عقد مضى تنقلت بين مدن كثيرة، خرجت من الصحراء إلى البحر ثم إلى سماء تتعانق فيها الأضواء وأخيرًا حطت روحي على ضفة نهر لا يصمت!

لست من عشاق السباحة لأني أحب الثبات أو بشكل أوضح أحب الوقوف على أرض ثابتة

 لأني لم أتعلم فن الرقص مع الطبيعة.


***


المدن تجتاحك وأحيانًا تجبرك على الانحناء لها والأدهى من ذلك تغير لهجة روحك

 ومعالم قلبك وبشكل سطحي تغير طريقتك في التحية ولون حديثك مع الآخرين!

تشير الساعة الآن إلى نهاية الليل

 ولكن هناك مدن لا تنام وهناك أرواح تتخذ من السهر ملجأ لها بعيدًا عن تطفل النهار

 ودعوات القهوة في الصباح..

 أتأمل جاري في الشرفة المقابلة، بات ليله يدخن وكأنه يريد إثبات  حزنه وأن يتظاهر مع

 سيجارته ضد الفرح والحظوظ السيئة، ولاأعلم لم خمنت حزنه!

 ولكني أعتقد أن الحزن وحده قادر على جعله يجلس

 لساعات لوحده في الليل مع منفضة السجائر !


***


أين كنا؟ 

نعم، في الحديث عن المدن، والمدن التي استقبلتني بأحضان مطاراتها الدافئة أو الباردة أحيانًا، 

ودعوني أقول لكمأن المدن تحب الضيوف وتكرمهم بغض النظر عن أحوالهم وأموالهم،

 وأظن أنك لو قدمت وابتسامتك في قلبك فستجد قلوب الآخرين تبتسم لك وتحتضنك، 

 وأذكر أني في آخر سفر نسيت ابتسامتي مع حقيبة السفر فوجدت المدينة تبكي لحد المطر.


***


أوشكت أن أنتهي وبالأصح انتهيت مع نقطة بعد المطر

 ولكني فكرت في نهاية سعيدة لهذا النص الذي انتظرته طويلًا،

 ودعوني أسألكم هل يجب أن نكتب تلك الأشياء السعيدة التي تبهج الروح

 أم يجب علينا أن نتماهى مع تسلسل الأحداث

 دون الالتفات لعين القارئ؟ 

 أي لو كتبت هذا النص وأنا أنتظر إعجاب أحدهم أو إسعاده، فسوف أتصنع والتصنع يحزن الروح،

 لذا سوف أعود للمطر ، أو فلنترك المطر يتساقط على مهله، لنعد للجار في الشرفة المقابلة.. 

الآن سقط عليه الصباح كفخ غير متوقع، هو الآن يحمل نفسه وحزنه إلى سريره،

 وأنا الآن أحمل حقيبتي وأتاكد من ترتيب ابتسامتي 

وأذهب إلى المطار كي أخون المدن السابقة مع مدينة جديدة



ماجد الحربي 

مونتريال 

٥-٩-٢٠٢٠


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصف نجمة

توحشناك

تمارين الوداع!